اخبار النجوم : الخطاط العالمي العراقي حسن مسعودي فنان يحرّك الحرف ويعانق عمق المعنى ... بشرى بن فاطمة

السلام عليكم




الخطاط العالمي العراقي حسن مسعودي فنان يحرّك الحرف ويعانق عمق المعنى
بشرى بن فاطمة
ولد الخطاط العالمي حسن مسعودي بمدينة النجف بالعراق سنة 1944 عمل خطاطا ببغداد ثم سافر سنة 1961 إلى فرنسا حيث تحصل من مدرسة الفنون الجميلة بباريس على ديبلوم عال في الفنون التشكيلية.اجتهد حسن مسعودي لنشر القيمة الفنية للخط العربي في أوروبا إذ قدّم حوالي 36 فيلما وثائقيا عن الخط بثّت على القناة الفرنسية (TV5).

أقام أكثر من 60 معرضا شخصيا بفرنسا و أوروبا والدول العربية، اقتنت أعماله عدة مؤسسات دولية عامة منها مطار الملك خالد الدولي بالرياض ومتحف الفنون الإفريقية بباريس، متحف ستيدلجك ومتحف ستيفري بهولندا، والمتحف البريطاني بلندن، متحف فرحات للأعمال الإنسانية.للمسعودي مؤلّفات هامة ساهمت في تعميق دراسة الخط العربي والتعريف بتجربته التشكيلية الإنسانية مع الخط، كتاب “الخط العربي”، “حسن المسعودي الخطاط”، “خطوط الأرض”.



الحرف وجماليّة البناء “عندما انعكست تجربتي كإنسان على الخط، أصبح مأوى للحظات المأساوية والمغرمة والطموحة التي عشتها…الحرف العربي يمتلك قدرة كبيرة جدا تمكن الفنان من بناء أعماله الفنية تحت أفيائها…” (حسن مسعودي). تجربته مع فن الخط العربي، حلّقت به إلى عوالم جديدة مكّنته من بناء رموز خطية أكسبت أعماله حركية اللوحات الفنية المعاصرة ضمن نص نابع من روح إنسانية تواقة دوما للإنعتاق، أعمال كشفت ديناميكية نادرة وحيّة تثير في مشهديّة بصرية عين المتلقي.





استطاع مسعودي أن يتجاوز التكرار والتقليد، عندما عالج قوّة الحرف في اللّوحة والمعنى فاكتشف الفراغ المحيط به وشكّل من خلاله تناغما أظهر طاقته وعبقريته من خلال إمكانياته التشكيليّة، فقد استفاد من التشكيلات الخطيّة القديمة واستنبط رؤيته واعتمد ألوانه التي عكست كل الخلفيات النفسية والانفعالية فأظهرت إحساسه بالجمال وقوة ذاكرته البصرية وجعلته في علاقة مباشرة مع ما يقدّم.

يتحدّث الباحث الفرنسي “ميشال تورنييه” عن تجربة حسن مسعودي قائلا ” ينطلق حسن مسعودي من خطوط مقتضبة من خلال فسحة محدودة كلاسيكية المظهر ويتعمق في نصوصها ليبلور حنينا وتوقا يساهم في خلق تصاعد يتجاوز حدود الصفحة ليكتسب حركية اللوحات المعاصرة ويجعل منه نصا زاخرا بالأمل.”

استطاع حسن مسعودي من خلال ما قدمه من تشكيلات أن يتسرب في عمق النفسية التي اختزنتها مخيلته ليخرجها إخراجا عفويا عقلانيا ، لم يكتف بمعالجة الجملة الخطية كما هي لكنه أعاد بعثها من جديد ليحوّلها إلى مرآة عكست أفكاره وأحاسيسه، وأبرزت مظهر الخط بين ثقله وخفته، بياضه وسواده كثافته وانحناءاته رشاقة الخطوط المنتصبة وبرودة السكونية، وهو ما يحيل إلى شخصية الخطاط وعالمه المخزن في جراب ذاكرته فقد استفاد من ميزات الحرف في الخط العربي التقليدي بكونه بناء يرتبط ببناء آخر يشكل كلمات تتشابك داخل المعنى وداخل البناء الفني التشكيلي.

و هذه التشكيلية الخطية جعلت أعماله أكثر حيوية وتعبيرا وإثراء للمعنى كأنما نرى الحروف نفسها تسعى إلى الإنفلات وتتمرد لتعود من جديد إلى الحرف السابق الذي يثبّتها في حركة فنية معبرة، وهذا يفجّر عملا تشكيليا قد يرى غامضا مجردا لكنه يغري بالتأمل التمعن، ليصبح الخط معبرا عن الإنسان نفسه في رسالة ثنائية تهمّ الخطاط والمتلقي.

تتميّز تجربة حسن مسعودي في انطلاقها من الموروث في الخط ثم وصولها إلى التوليد

والتجديد وإحياء الحرف العربي وإثرائه بالإطلاع والاهتمام والاستفادة من الحروف المميزة لبقية الحضارات العالمية كالحرف اللاتيني والحرف الصيني، فحسن مسعودي يرى أن الخط العربي تأثر بشكل بارز مع تطور المجتمعات والنفسيات وهو ما ساهم في تطوره، فهو يعتبر أن الخط تغير مع تغير كل مرحلة، فمثلا خط القرن التاسع في بغداد لا يشبه خط القرن السابع في مكة ولا خط القرن الرابع عشر في مصر لأنه في تطور مستمر وتأثر بالمحيط و التحولات الإجتماعية وتأثير الحضارات المختلفة التي توغّلت في عمق الحضارة العربية الإسلامية.